فصل: (الآية الثانية):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



903- الحَدِيث التَّاسِع:
فِي الحَدِيث «الْمُؤْمِنُونَ هَينُونَ لَينُونَ».
قلت رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق أخبرنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن مَكْحُول قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُونَ هَينُونَ لَينُونَ هَينُونَ كَالْجمَلِ الْألف» قَالَ وَيروَى الْأنف الَّذِي إِن قيد انْقَادَ وَإِن أُنِيخ عَلَى صَخْرَة ناخ. انتهى.
وَمن طَرِيق ابْن الْمُبَارك رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّادِس وَالْخمسين بِسَنَدِهِ وَمَتنه ثمَّ قَالَ هَذَا مُرْسل.
ثمَّ أخرجه الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد عَن أَبِيه عَن نَافِع ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فَذكره قَالَ وَالْأول مَعَ إرْسَاله أصح. انتهى.
وَهَذَا السَّنَد رَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ عَن عبد الله بن عبد الْعَزِيز بِهِ وَأعله بِهِ وَقَالَ إِنَّه من مُنْكَرَاته.
وَقَالَ ابْن طَاهِر لَا يُتَابع عَلَى رواياته قَالَ وَرُوِيَ من حَدِيث أنس رَوَاهُ زَكَرِيَّا بن يَحْيَى الْوَقار عَن مُؤَمل بن عبد الرَّحْمَن الثَّقَفِيّ عَن حميد عَن أنس وزَكَرِيا هَذَا يضع الحَدِيث.
904- قَوْله عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ كفَى سَرفًا أَلا يَشْتَهِي الرجل شَيْئا إِلَّا اشْتَرَاهُ فَأَكله.
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن رجل عَن الْحسن أَن عمر بن الْخطاب فِي قَوْله تَعَالَى لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا قَالَ كفَى سَرفًا أَلا يَشْتَهِي الرجل شَيْئا إِلَّا اشْتَرَاهُ فَأَكله. انتهى.
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره.
وَرَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل فِي كتاب الزّهْد أخبرنَا سعيد بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا يُونُس عَن الْحسن قَالَ عمر كفَى بِالْمَرْءِ سَرفًا أَن يَأْكُل كل مَا اشْتَهَى وَفِيه قصَّة.
وَقد رُوِيَ نَحوه مَرْفُوعا رَوَاهُ ابْن ماجة فِي كتاب الْأَطْعِمَة حَدثنَا هِشَام ابْن عمار حَدثنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد حَدثنَا يُوسُف بن أبي كثير عَن نوح بن ذكْوَان عَن الْحسن عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «من السَّرف أَن تَأْكُل مَا اشْتهيت». انتهى.
وَرَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع وَالثَّلَاثِينَ.
905- الحَدِيث الْعَاشِر:
عَن ابْن مَسْعُود قلت يَا رَسُول الله: «أَي الذَّنب أعظم قَالَ أَن تجْعَل لله ندا وَهُوَ خلقك» قلت ثمَّ أَي قَالَ: «أَن تقتل ولدك خشيَة أَن يَأْكُل مَعَك» قلت ثمَّ أَي قَالَ: «أَن تُزَانِي حَلِيلَة جَارك».
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي... وَمُسلم فِي الْإِيمَان من حَدِيث أبي وَائِل عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي الذَّنب أعظم قَالَ: «أَن تجْعَل لله ندا وَهُوَ خلقك» قلت ثمَّ أَي قَالَ: «أَن تقتل ولدك مَخَافَة أَن يطعم مَعَك» قلت ثمَّ أَي قَالَ: «أَن تُزَانِي حَلِيلَة جَارك». انتهى.
906- الحَدِيث الْحَادِي عشر:
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من قَرَأَ سُورَة الْفرْقَان لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ مُؤمن بِأَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأدْخل الْجنَّة بِغَيْر نصب».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث سَلام بن سليم حَدثنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فَذكره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدّم فِي يُونُس إِلَّا أَنه قَالَ وَأدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب. اهـ.

.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

.قال إلكيا هراسي:

سورة الفرقان:
قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُورًا} الآية/ 48.
قال قائلون: وصف الماء بأنه طهور، يفيد أنه يصلح للتطهير، وأنه يقع به هذا الحكم، كقولهم فطور وسحور إذا صلح لذلك.
وقال آخرون: إنه يفيد المبالغة في التطهير، والمعنى بيّن.
ولا اختلاف أن للماء هذا الحكم، إذا كان على خلقته وهو ينزل من السماء، فما دام على نعت المنزل من السماء وفي قرار الأرض، فهو طهور ومطلق.
وإذا خالفه غيره، انقسم المخالط أقساما: فمنه ما يكون نجسا، ومنه ما يكون طاهرا.
وإذا كان المخالط نجسا، فمالك لا يحكم بنجاسة الماء، ويبقيه على حكم وصفه الأصلي.
وأبو حنيفة يقول: ما دام يتوهم خلوص النجاسة إلى الماء الذي يغترف منه، فلا يجوز التوضؤ به.
والشافعي يقول: يعول على القلتين، وبعد ذلك لا يؤخذ من الظاهر، وإنما يؤخذ من المعنى.. وبعضه مأخوذ من الظاهر.
والماء المستعمل مختلف فيه بين العلماء، فالظاهر يقتضي جواز التوضؤ به، والقليل من النجاسة لا يمنع من إطلاق اسم الماء عليه لغة، ولكن امتناع التوضؤ به لدليل آخر.
ومتى قيل: فالماء إذا جعل طهورا، فهو يطهر ماذا؟
قيل: إنه يطهر على وجهين:
أحدهما: طهارة الأحداث.
والثانية: الجنب.
فأما طهارة الحدث، فصريان غسل ووضوء، ولكل واحد منهما سبب، فسبب الغسل الجنابة والحيض والنفاس، ويتبع الجنابة التقاء الختانين وإن لم ينزل.
وأسباب الوضوء مستقصاة في كتب الفقه مع ما فيها من إختلاف العلماء.
واختلف الناس في الماء، هل خص بالتطهير في الأنجاس كلها؟
فمنهم من قال ذلك.
ومنهم من قال غير قوله.. وشرح ذلك في كتب الفقه.
والذي يجوز إزالة النجاسة بغير الماء، ليس يجوزه بطريق القياس على الماء فقط، فإن من الممكن أن يقال إن التعبد بإزالة النجاسة، فإن لم تكن نجاسة زال محل التعبد، ولأجل ذلك صار داود مع نفي القياس إلى إزالة النجاسة بغير الماء، لا قياسا لغير على الماء، لكن لزوال محل التعبد، فهذا تمام هذا الفن.
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} الآية 54.
يدل على أن اللّه سبحانه جعل الماء سبب الاجتماع والتآلف والرضاع والخقونة.
وفيه إشارة إلى المحرمات بالسبب والنسب، وأن كل ذلك تولد من الماء.
وفيه دليل على أن حرمة المصاهرة تثبت بطريق الكرامة لا بطريق النقمة والعقوبة، ولذلك قال الشافعي: لا يتعلق بالزنا وتحريم المصاهرة. اهـ.

.قال القنوجي:

سورة الفرقان:
وهي سبع وسبعون آية.
هي مكية في قول الجمهور.
قال القرطبي: قال ابن عباس وقتادة: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ الآيات.

.[الآية الأولى]:

{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُورًا (48)}.
{وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُورًا (48)} أي يتطهر به، كما يقول: وضوء للماء الذي يتوضى به.
قال الأزهري: الطهور في اللغة: الطاهر المطهر.
قال ابن الأنباري: الطهور بفتح الطاء الاسم، وكذلك الوصف، وبالضم المصدر، هذا هو المعروف في اللغة.
وقد ذهب الجمهور إلى أن الطهور هو الطاهر المطهر ويؤيد ذلك كونه بناء مبالغة.
وروي عن أبي حنيفة أنه قال: الطهور هو الطاهر، واستدل لذلك بقوله تعالى: {وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَرابًا طَهُورًا (21)} [الإنسان: 21] يعني طاهرا، ومنه قول الشاعر:
خليلي هل في نظرة بعد توبة ** أداوي بها قلبي عليّ فجور

إلى رجّح الأكفال غيد من الظّبا ** عذاب الثنايا ريقهنّ طهور

فوصف الريق بأنه طهور وليس بمطهر. ورجح القول الأول ثعلب وهو راجح لما تقدم من حكاية الأزهري لذلك عن أهل اللغة.
وأما وصف الشاعر للريق بأنه طهور فإنه على طريق المبالغة.
وعلى كل حال فقد ورد الشرع بأن الماء في نفسه طاهر ومطهر لغيره.
قال اللّه تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11].
قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «خلق الماء طهورا».

.[الآية الثانية]:

{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيامًا (64)}.
{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ} البيتوتة: هي أن يدركك الليل نمت أم لم تنم.
قال الزجاج: من أدركه الليل فقد بات نام أو لم ينم كما يقال: بات فلان قلقا.
والمعنى يبيتون.
{لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا} على وجوههم.
{وَقِيامًا (64)} على أقدامهم، ومنه قول امرئ القيس:
فبتنا قياما عند رأس جوادنا ** يزاولنا عن نفسه ونزاوله

والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل كله أو أكثره.

.[الآية الثالثة]:

{وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوامًا (67)}.
{وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} من قتر يقتر، أو أقتر يقتر. ومعنى الجميع التضييق في الإنفاق.
قال النحاس: أحسن ما قيل في معنى الآية: أن من أنفق في غير طاعة اللّه فهو الإسراف ومن أمسك عن طاعة اللّه فهو الإقتار ومن أنفق في طاعة اللّه فهو القوام.
وقال إبراهيم النخعي: هو الذي لا يجوع ولا يعرى ولا ينفق نفقة يقول الناس قد أسرف.
وقال يزيد بن حبيب: أولئك أصحاب محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كانوا لا يأكلون طعاما للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثوبا للجمال، ولكن كانوا فريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة اللّه، ومن اللباس ما يستر عوراتهم ويقيهم الحر والبرد.
وقال أبو عبيدة: لم يزيدوا على المعروف ولم يبخلوا، كقوله: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: 29].
{وَكانَ} أي إنفاقهم.
{بَيْنَ ذلِكَ} الإفراط أو التفريط.
{قَوامًا} (67) بكسر القاف: ما يدوم عليه الشيء ويستقر وبالفتح العدل والاستقامة، قاله ثعلب.
وقيل: بالفتح العدل بين الشيئين، وبالكسر ما يقام به الشيء لا يفضل عنه ولا ينقص. وقيل: بالكسر السداد والمبلغ.

.[الآية الرابعة]:

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِمامًا (74)}.
{وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِمامًا} (74) أي قدوة يقتدى بنا في الخير.
وإنما قال إماما ولم يقل أئمة لأنه أريد به الجنس كقوله: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [الحج: 5]، وقيل: إنه من الكلام المقلوب، وأن المعنى: واجعل المتقين لنا إماما، وبه قال مجاهد. وقيل: إن هذا الدعاء صادر عنهم بطريق الانفراد وإن عبارة كل واحد منهم عند الدعاء: واجعلني للمتقين إماما، ولكنها حكيت عبارات الكل بصيغة المتكلم مع الغير لقصد الإيجاز.
وقال الأخفش: الإمام جمع آمّ من أمّ يؤم جمع على فعال كصاحب وصحاب وقائم وقيام وقيل: إنه مصدر كالقيام والصيام. وقيل غير ذلك.
قال النيسابوري: قيل: في الآية دلالة على أن الرياسة الدينية مما يجب أن يطلب ويرغب فيها، والأقرب أنهم سألوا اللّه أن يبلغهم في الطاعة المبلغ الذي به يشار إليه ويقتدى بهم. اهـ.